نينـوى بريـس

logo

Ninawa Press

 

ارتفاع نسبة الفقر في نينوى الى 85 بالمئة والبطالة في أعلى مستوياتها


تقدم العديد من وسائل الاعلام والمؤسسات الحكومية في محافظة نينوى ؛ صورا وبيانات محزنة عن مظاهر الفقر والبطالة المتفشية في الاوساط المجتمعية ، وليس اخرها ؛ تصريح مدير إحصاء نينوى " نوفل سليمان" الذي نشرته " السومرية نيوز نقلا عن صحيفة الصباح الرسمية " ، وجاء فيه ، بان نسب الفقر في محافظة نينوى ما زالت في أعلى مستوياتها وبلغت 85 بالمئة ، مشيرا إلى مواصلة دائرته أعمال المرحلة الثانية لمسح الوضع الاقتصادي والاجتماعي للكشف عن نسب البطالة في نينوى بعد إنهاء المرحلة الأولى منه، كاشفا عن وجود أعداد كبيرة من البطالة المقنعة بين صفوف شباب الموصل بشكل خاص ونينوى بشكل عام .  

تاكيدا على هذا الواقع ، هناك احصائية سابقة لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية ، كشفت فيها عن وجود تسعة ملايين عراقي تحت خط الفقر ، وتزامنت هذه الاحصائية مع تقرير أميركي يصنف العراق في المرتبة 114 عالمياً ضمن قائمة أفقر شعوب العالم ، فيما توقعت وزارة التخطيط والتعاون الانمائي ، ارتفاع نسبة الفقر في العراق الى 25 بالمئة .

هذه الاحصائيات تضع العراق موضع التندر والسخرية ، كونه البلد الوحيد الذي يجتمع فيه الفقر مع الثروات الطبيعية الهائلة التي يفترض أن تضعه في قائمة الدول المتقدمة صناعيا وزراعيا .  

ففي مدينة الموصل تزداد مظاهر الفقر وتضيق سبل العيش بشكل مريع ، وغالبية الناس بلا عمل وجيوبهم خاوية ، تجدهم يتقاطرون بالألاف نحو الجهة التي تعلن عن حاجتها الى ثلاثة موظفين او عامل واحد في دائرة حكومية او منظمة دولية ، فيما تنحسر خيارات العيش امام الفئات المعدمة ، فتجدهم يلجئون الى وسائل شحيحة المردود ، نذكر منها :  

تشكيل مجاميع صغيرة مؤلفة من فتيات وفتية يجوبون الاسواق والطرقات في موسمي الحر والبرد للترويج لبضاعة شركة معينة مقابل الحصول على نسبة مئوية ضئيلة من قيمة هذه البضاعة ، وعادة يتنقلون بين الاحياء البعيدة مشيا على الاقدام لعدم توفر المال لدفع اجور النقل .   

اما الباعة اصحاب العربات المتنقلة في الشوارع العامة ، او اصحاب البطالة المقنعة ان جاز التعبير ، فهؤلاء اصبحوا جزءا من معالم المدينة ، في حين تشكل شريحة الاطفال العمالة نسبة لايستهان بها ، فهؤلاء اصبحوا رجالا في وقت مبكر ، فمنهم من اختار الانخراط في الاعمال الشاقة التي لاتنساب عمره او الانضمام الى جيوش المتسولين والباعة المتجولين في الاسواق او تقاطعات الشوارع ، واخرون امتهنوا جمع الخردة من النفايات لغرض بيعها للمتعهدين بثمن زهيد بالكاد يؤمن لهم وجبة طعام . 

ومقابل ذلك ، يعاني الشغيلة بأجور يومية في مدينة الموصل من قلة فرص العمل ، وان وجدت مثل هذه الفرصة فهي مقابل اجور زهيدة وبلا ضمان اجتماعي او صحي وبدون تحديد ساعات العمل والتشغيل الاضافي ، ولكن اشدها قسوة هي سوء المعاملة التي يتعرض لها العامل بأجر يومي من قبل اصحاب العمل الجشعين ومساومتهم له بطريقة مهينة ومبتذلة بهدف بخس حقه في الاجر ، مستغلين حالة الفقر والبطالة التي يعاني منها الاجراء في مدينة الموصل ، ولعل الشغيلة بأجور ثابتة في غالبية القطاع الخاص هم ليسوا افضل حالا من اقرانهم الشغيلة باجر يومي ، فكلا الطرفين ينال حصته من الاذلال وتدني الاجور بنفس القدر ، وربما تزيد او تنقص هذه الحصة تبعا لقرينة المروءة وصفات الكرم التي يتحلى بها صاحب العمل ، وهي خصال نادرة لاتتوفر عند الجميع .  

وعن واقع البطالة في نينوى ، يكفي ان نشير الى احصائية مثيرة للدهشة عن الخريجين العاطلين عن العمل من حملة شهادات البكالوريوس الذين قدموا اوراقهم عام 2022 للحصول على وظيفة ضمن قانون الامن الغذائي الذي خصص لمحافظة نينوى 1000 درجة وظيفية فقط ، وبراتب شهري 300 الف دينار ، لكن عدد المتقدمين لهذه الوظائف بلغ اكثر من 100 الف خريج ، وهذا دليل على انعدام فرص العمل واتساع رقعة البطالة بشكل خطير ، مما ينذر بكارثة اجتماعية واقتصادية ، تحتاج الى حلول ومتابعة جادة . 

عدد الخريجين العاطلين عن العمل ربما يشكل نسبة ضئيلة بالمقارنة مع الاغلبية المعدمة التي تقف على عتبة الفقر أو دون خـط الفقر ، فهؤلاء يعيشون خارج دائرة الضوء ، ومعاناتهم المركبة لايمكن اختزالها بالطعام فحسب ، فلائحة احتياجاتهم تشمل كل شيء تقريبا ؛ من الحاجة الى التعليم والصحة والملبس والمسكن الى الامن والحماية من اشكال العنف والممارسات اللاانسانية بحقهم .

عموما ، يبقى الحديث عن واقع البطالة وحالة الفقر في مدينة الموصل ومحافظة نينوى عامة ؛ من اكثر الاحاديث تعقيدا وتشعبا في تفاصيله التي لا يمكن اختزالها في مقال صحافي او التعبير عنها في قصيدة رثاء او حتى تأطيرها في لوحة لفنان مرهف بات يعذبه مشهد الانتهاكات الصارخة لقيمة الانسان الجسدية والمعنوية كل يوم .   

رئيس التحرير / محمد الظاهر

نينوى بريس




اخبار ذات صلة