محاضرة بعنوان نقد العقل العربي بمجلس اسر وعوائل الموصل
يواصل مجلس أسر وعوائل الموصل نشاطه المعتاد في نشر الوعي في الميادين الاجتماعية والتنموية والثقافية ، وتعزيز المعرفة بهوية المجتمع الموصلي بأبعادها التاريخية والحضارية ، الى جانب دوره البارز في اقامة الندوات والفعاليات الفنية والادبية واستضافة الأوساط الثقافية بمختلف مسمياتها لمناقشة موضوعات متنوعة ومفيدة اجتماعيا .
وفي هذا الاتجاه القيت في مجلس اسر وعوائل الموصل مساء يوم الاربعاء2024/2/7محاضرة بعنوان: ( نقد العقل العربي.. قراءة في مشروع محمد عابد الجابري )..ألقاها الاستاذ (خليل الحلاوجي ).
في البدء رحب الاستاذ ( قتيبة محمد اغا) رئيس المجلس بالحضور وأوضح أن الثقافة الحقيقية تسهم في بناء الوعي ، لذا يحرص المجلس على تبني مواضيع فكرية مهمة تعزز فهم الواقع لبناء مستقبل افضل .
ثم تحدث المهندس (يسار الدرزي) الناطق باسم مجلس أسر وعوائل الموصل قائلا : ( العقل أداة الفكر ووعائه ..والحضارة لها جناحان الأول الابتكار والتطوير والثاني النقد والتصحيح ... والاسلام شجع على التفكير في كل شؤون الحياة ، ووعد بإثابة المجتهد المصيب بأجران والمخطئ بأجر .. فاعتبر فشل المجتهد خطأ وليس خطيئة ... ولكل حضارة معايير وثوابت فكرية بنت على أساسها ثقافتها وسياساتها ومنها الحضارة العربية الإسلامية .
واكد الدرزي انه : لا يمكن تغيير أي واقع بائس الا بتغيير الفكر الذي انتجه ، فقانون التغيير بينه الله تعالى في قوله : (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ).
واضاف قائلا : في منتصف القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين برزت نهضة ثقافية حاول مفكروها إيجاد حلول للواقع العربي والاسلامي المتردي والمتخلف عن الغرب ،فطرحت عدة مشاريع فكرية للنهوض بواقع الامة مثل مشروع محمد عبدة ورفاعة الطهطاوي وجمال الدين الأفغاني ومحمد أركون وغيرهم ومن تلك المشاريع مشروع ( نقد العقل العربي ) للدكتور محمد عابد الجابري.
وتابع الدرزي بان : أي مشروع فكري هو جهد بشري فيه الصواب والخطأ فله ماله وعليه ماعليه ..لكن يبقى هذا الجهد في محل احترام وتقدير ما دامت غايته افادة الامة وليس الإساءة إليها) .
من جانبه تناول الأستاذ خليل الحلاوجي ؛ شرح أصول مشروع نقد العقل العربي للمفكر المغربي الدكتور محمد عابد الجابري والذي تضمن كتاب من أربعة أجزاء :
1 ـ تكوين العقل العربي
قام الجابري برصد تكوين العقل، وتكوين مفاهيمه، حيث يعرّف الجابري العقل العربي، الذي اهتم بتحليله ونقده، بأنه: «ليس مقولة فارغة ولا مفهوماً ميتافيزيقياً ولا شعاراً إيديولوجياً للمدح أو الذمّ ، وإنما… جملة المفاهيم والفعاليات الذهنية التي تحكم، بهذه الدرجة أو تلك من القوة والصرامة ، رؤية الإنسان العربي إلى الأشياء ، وطريقة تعامله معها في مجال اكتساب المعرفة، مجال إنتاجها وإعادة إنتاجها».
ويبين مكوّنات الثقافة العربية في نطاق تصنيفٍ آخر غير تصنيفها إلى علوم ـ على ما درجت على ذلك العادة ـ فيضعها تحت ثلاثة نظم معرفية هي: البيان ، و العرفان ، و البرهان ، مؤرّخاً تكوين تلك النظم، وراصداً تكوُّن مفاهيمها.
2 ـ بنية العقل العربي
اهتم في هذا الجزء الثاني بتحليل بنيته الداخلية، وكيفيات اشتغاله أو إنتاجه المعرفة.
3 ـ العقل السياسي العربي
في هذا الجزء تناول الجابري المجال السياسي العربي الإسلامي: وشرح آليات تكوينه وتطوره، وصراعات قواه، وتبلور إشكالياتها ومقالاتها في مسألة السلطة، ونصاب الشرعية فيها.
4 ـ العقل الأخلاقي العربي
في هذا الجزء الأخير بين الجابري أنواع القيم كما تداولتها الأدبيات العربية الكلاسيكية، وهي خمسة :
أ ـ الموروث الفارسي الذي تكرست معه أخلاق الطاعة ، المنقولة عن بيئة الدولة الكسروية إلى المجتمع العربي الإسلامي.
ب ـ الموروث اليوناني الذي دعا ممثلوه من فلاسفة الإسلام إلى أخلاق السعادة.
ج ـ الموروث الصوفي الذي كرّس ممثلوه أخلاق الفناء : فناء المريد في الشيخ.
د ـ الموروث العربي الخالص الذي انتهى إلى الثقافة العربية الإسلامية، وكانت قيمة المروءة تحتل فيه مكان القلب.
هـ الموروث الإسلامي ، واقترنت فيه الأخلاق بالدين، وأصبحت فيه المصلحة (والعمل الصالح) ـ في نظر الجابري ـ أساس منظومة الأخلاق.
وقد تناول الجابري في كتابه شرح الثلاثية التالية : اللاشعور المعرفي والخيال الاجتماعي والمجال السياسي.
واكد أن الواقع تغيره الأفكار ، وتطرق الى اهم الحلول والمتمثلة في تحويل القبيلة الى تنظيمات مؤسساتية حديثة ، وتحويل الغنيمة من الاقتصاد الريعي الى الاقتصاد الانتاجي ، وتحويل العقيدة الى رأي ضد التفكير الطائفي المتعصب حين يدعي امتلاك الحقيقة .شش
نينوى بريس
