فوق النخل - اغنية مقتبسة من الحان موشح للملا عثمان الموصلي
اكد العديد من الاكاديميين بان لحن اغنية " فوق النخل " التي اشتهر بغنائها ناظم الغزالي، وغناها بعده العشرات ، هو في الأصل مقتبس من موشح ديني للملا عثمان الموصلي الذي يقول في
مطلعه "فوق العرش" فيما اكد اخرون بان مطلع الاغنية هو  " فوق إلنا خِل "، بمعنى لدينا في الأعلى
حبيب .   
ومن المتفق
عليه أن كلمات الأغنية كتبها الفنان والموسيقار الملّا عثمان الموصلي، وهو فنان
صوفي وأحد أهم مطوري الموسيقى العربية في القرنين التاسع عشر والعشرين ، توفي عام
1923 عن عمر 69 عاما ، تاركاً في كل مكان يزوره نغمات خالدة لا يزال يرددها مطربو
العرب من المحيط إلى الخليج.
في مقابلة
تلفزيونية ، يقول الفنان الهام المدفعي وهو أحد أشهر من غنّى "فوق
النخل" بعد ناظم الغزالي ، إن مطلع الأغنية هو "فوق إلنا خل"،
ويشرح أن "الخل يعني الحبيب"، وأن المقصود ليس شجر النخيل ، وهذا الرأي
شائع لدى فريق من المهتمين بتاريخ الموسيقى الشرقية، في مقابل فريق آخر يعتبر أن
الأغنية ترتبط بالنخيل العراقي، ومطلعها يشير إلى "النخل" فعلا.
وعثمان
الموصلي كان له أثر واضح على ملحنين كبار في بدايات القرن العشرين، من بينهم
المصري سيد درويش الذي التقاه في حلب، وتأثر به. وقد حول درويش أحد ألحان الموصلي
الدينية إلى أغنية اشتهرت على غرار "فوق النخل" بكلمات أخرى، وهي
"زوروني بالسنة مرة حرام تنسوني بالمرة"، وهذه كانت في الأصل أغنية
دينية تقول كلماته "زوروا قبر الحبيب مرة".
 اشتهرت الأغنيتان كثيراً من دون أن ينسب اللحن
بشكل واضح إلى صاحبه الأصلي، الملا عثمان ، بل إن مواقع كثيرة تتداول "فوق
النخل" على أنها لحن تراثي عراقي، مجهول الصاحب.
وفي مواقع
أخرى قد تنسب إلى تراث سوري، فيما تتداول مواقع "زوروني كل السنة" على
أنها من ألحان سيد درويش من دون ذكر الموصلي.
وقالت الفنانة
السورية أصالة نصري في مقابلة تلفزيونية إنها كانت تعتقد أن "فوق النخل"
من التراث السوري، وكانت تسمعها دائماً من ضمن الموشحات، لكنها تأكدت لاحقاً من أن
الأغنية عراقية الأصل.   
ويروي الدكتور
هيثم شعوبي -وهو أكاديمي مختص في التراث الموسيقي العراقي- أن كلمات اغنية "فوق النخل" كانت نصا دينيا
للملا عثمان الموصلي. ويضيف أن الأغنية كانت تحمل عنوان “فوق العرش” وتُغَنى في
مقام الحجاز المشحون بالشجن والوله الذي يؤثر في نفسية الإنسان العراقي والعربي.
ويضيف شعوبي :
ان الشاعر جبّوري النجار، كاتب اغنية "فوق النخل"  توفي في عام 1976 ، وأخذ معه "سرّ" ما
قصده في مطلع الأغنية ،  ولهذا السبب لم
يحسم الجدل حول الاغنية .
ويتابع شعوبي
، إن اللغط حول الأغنية حصل عندما سجّلها ناظم الغزالي لأول مرة على أسطوانة من
توزيع الراحل جميل بشير. وقد سافر الغزالي إلى بيروت لتسجيلها مع فرقته، لكن
الكورس العراقي لم يرافق الغزالي، فجرت الاستعانة بكورس من اللبنانيين، الذي نطقوا
كلمة "النخل" بكسر الخاء باللهجة اللبنانية، فيما بدا في التسجيل بشكل
واضح أن الغزالي ينطقها بفتح الخاء، وبعدها انتشرت الأغنية بصوت صباح فخري الذي
كان ينطق "النخل" بكسر الخاء على الطريقة اللبنانية، وهذا ما عزّز لدى
كثيرين المعنى الآخر الشائع بأن المطلع هو "فوق النا (لنا) خل (حبيب)"،
وهو المعنى نفسه الذي يتحدث عنه المدفعي، كما سبقت الإشارة.
وعن قصة
الاغنية ، ورد في الحكايات البغدادية القديمة ، أن فتاة من الطبقة الراقية أطلّت
ذات يوم من شرفتها فلمحها عامل بسيط وبهره جمالها وأطبق حبها على قلبه من النظرة
الأولى. وفي الوقت ذاته أحس المتيّم أنه وقع في ورطة، فليس لوصلها من سبيل، ولا
يمكنه حتى البوح بهذا الحب، فأخذ يدندن ويغني “فوق إلْنا خِل”، أي في الأعلى لنا
حبيب أو معشوق. وعندما سمعه الجيران لم ينتبهوا إلى إدغام اللام بالنون واعتقدوا أنه يقول
“فوق النّخل” فرددوا العبارة على هذا النحو، فتحولت الكلمات لاحقا إلى أغنية تثير
الشجن بين السمّار والعشاق في بلاد الرافدين.
اعداد / نينوى
بريس