الدخيل بعد عامين في المنصب .. سجل حافل بالإنجازات والترفع عن مغريات السلطة
 تقييم اداء محافظ نينوى عبد القادر الدخيل منذ
توليه المنصب قبل عامين يعتمد بالدرجة الاساس على استطلاع آراء الناس لجمع
ملاحظاتهم حول الانجازات التي حققها والاستدلال على الإيجابيات والسلبيات في
الاداء العام سواء على المستوى الشخصي أو فريق العمل الذي يترأسه ، وبمعزل عن هذا
الشرط المعمول به في الدول الديمقراطية ، يبقى تقييم اداء المحافظ منقوصا ولايمثل
الصورة الكاملة التي يشكلها الراي العام ، اما فيما يتعلق بالشفافية في ادارة
المحافظة فهذا الامر يقع ضمن مسؤوليات وممارسات الأجهزة الرقابية والقضائية او حتى
الاعلامية.  
وفي سياق التقييم الموضوعي لاداء محافظ نينوى ، لابد ان
نعود الى الوراء وتحديدا قبل عامين عند مراسم تسنمه للمنصب خلفا للفريق نجم
الجبوري ، كانت ميزانية نينوى في تلك المرحلة ولازالت ضعيفة لاتسد احتياجات
التنمية الاجتماعية والخدمية وتغطية مشاريع اعادة الاعمار اضافة الى المشاريع التي
لم تنجز ، الى جانب صلاحيات المحافظ المحدودة في معالجة التحديات الاقتصادية
والخدمية والاجتماعية بما فيها ازمة البطالة والنازحين والمتضررين من الحرب ، فضلا
عن الضغوط السياسية من جهات تمتلك حضورا اقتصاديا وامنيا واسع النطاق في نينوى
والتي حاولت فرض نفوذها عبر ادخال التغييرات على الوحدات الإدارية للأقضية
والنواحي وإقالة كبار المسؤولين فيها ، ومارست هذه الجهات شتى الضغوط لتمرير هذا
المطلب عبر ممثليها في مجلس المحافظة الذين قلبوا ظهر المِجَنّ للدخيل وهددوا
بإقالته مالم يستجب لمطالبهم ، لكن الدخيل تمكن من احتواء هذه الازمة ، ومن محاسن
المصادفات غير المتوقعة تحول الدخيل لاحقا من خانة العداوة الى الشخص الوسيط
لانهاء الخلافات بين الاطراف المنقسمة في مجلس نينوى ذاته .
ورغم كل العراقيل واصل الدخيل عمله وحقق خدمات متفرقة
على كافة الاصعدة واسهم في انجاز مالم ينجزه من سبقة خصوصا فيما يتعلق باعادة
تأهيل مطار الموصل الدولي والنهوض بقطاع الرياضة وتقديم الدعم المطلق للفرق
الرياضية بمختلف صنوفها .
ومن الخطوات التي لاقت الترحيب في الاوساط الاجتماعية ؛
هي سعي الدخيل الى تحقيق التوأمة بين نينوى واقليم كوردستان الذي يتمتع بتجربة
فيدرالية ناجحة حقق من خلالها مكاسب متنوعة في الاستثمار والتنمية الاقتصادية
والاستقرار الامني والاجتماعي ، وفي هذا الاتجاه سعى محافظ نينوى الى تعزيز
الاستثمار في العديد من القطاعات المعطلة من خلال جلب الشركات
الاستثمارية الاوربية والامريكية للعمل في نينوى ، وخلال زيارته لامريكا اجرى
الدخيل عددا من اللقاءات مع الوكالات والمؤسسات الحكومية بهدف ابرام عقود
استثمارية بما فيها فتح جامعة أمريكية في مدينة الموصل .
وفي سياق الاستنتاجات بشان انجازات محافظ نينوى ، هناك
اراء مختلفة بخصوص التكامل بين المؤسسات الحكومية والمجتمع وتحقيق الشفافية في التعامل مع احتياجات الناس المعيشية والانسانية الملحة التي وضعتها الحكومات المتعاقبة في
ذيل اهتماماتها ومازالت تتعامل معها في نطاق المجاملة والتسويف ، وحول هذا الجزء
المفقود في اداء الدخيل الوظيفي يمكن ارجاعه الى التقصير في فهم أولويات المجتمع
الموصلي المتمثلة بحاجته الماسة الى الاهتمام بالمشاريع الانسانية قبل المشاريع
العمرانية او حتى التعامل معهما على قدم المساواة ، فمعاناة الناس مع الفقر
والبطالة اخذت منحنيات خطيرة لايمكن تجاهلها ، بل ولايمكن اخفائها وراء ترميم
واجهات المدينة وبعض معالمها الرئيسية التي تقع في مجال الرؤية . 
فمدينة الموصل مثل بقية المدن المحررة من سيطرة الارهاب
، كانت ولازالت بحاجة الى تعزيز حقوق الانسان تماما مثل حاجتها الى احداث تغييرات
شاملة على الهياكل الاقتصادية التي من شانها معاجلة اسباب الفقر وامتصاص البطالة
التي احدثت هزات عنيفة في الحياة الاجتماعية ، فهناك مؤشرات كثيرة على اهمال
الجانب الانساني في قضايا عديدة ، بينها قضية النازحين التي لم يجر عليها اي تغيير
دائمي حتى الان ولم تصرف لغالبيتهم منحة العودة والمساعدات المقررة لهم ، او توسيع
المنافع الاجتماعية للمعاقين والمشردين والفقراء وغير ذلك مثل بناء مصح لايواء ذوي
الامراض العقلية الذي باتت نينوى بامس الحاجة له ، وهناك ايضا الالاف من المتضررين
من الحرب لم تصرف لهم التعويضات ، ناهيك عن انتشار البيروقراطية في اغلب دوائر
الدولة التي مازالت تعتمد على اجراءات روتينية بطيئة في تمشية معاملات المواطنين
بما فيها دائرة التعويضات في نينوى .
  وفي الختام
هناك اراء كثيرة حول اداء محافظ نينوى منها مايجعله عرضة للنقد بشان محدودية
المنافع الاجتماعية المقدمة ، واخرى تشيد بانجازاته الخدمية واجتهاده في استخدام
صلاحياته لحماية نينوى من الانقسامات السياسية الداخلية ، وبين هذه الاراء
المتضاربة التي غالبا ما يتعرض لها المسؤول في اي مجال اداري ، تبقى المؤشرات على
استقامة محافظ نينوى هي الاهم ، وتكفي الاشارة الى انه مازال يحتفظ بسجل نظيف خالٍ
من المخالفات ومن اي إساءة في استخدام السلطة الممنوحة له او السعي لتحقيق مكاسب
خاصة عبر الاستفادة من رصيده الجماهيري الذي اكتسبه بحكم موقعه في السلطة ؛ لتأسيس
حزب او الترشح الى البرلمان ... وهذا مؤشر مهم على ترفعه عن مغريات السلطة في زمن
عزَّ فيه الصدق وكثرت فيه اوجه الفساد .
نينوى بريس / رئيس التحرير   












