وفد من نينوى ينضم الى الحراك الداعم لمشروع اقليم البصرة
الحديث عن
اقامة الاقاليم يعود مجددا الى الواجهة ، بعد ان تقدمت منظمة "بصرياثا
للثقافة الاتحادية " الى المفوضية العليا المستقلة للانتخابات بطلب تزويدها
باستمارة تشكيل إقليم البصرة ، تمهيدا للتحرك ضمن مسار المفوضية وشروطها التي تقضي
باعداد سجل مشفوعا بتأييد وتوقيع المواطنين بنسبة لاتقل عن 10% من عدد سكان
المحافظة الذين تتوفر فيهم شروط الناخب ، وهي النسبة المطلوبة قانونا للانتقال إلى
مرحلة الاستفتاء لإقامه اقليم البصرة .
الحراك البصري
نحو اقامة الاقليم لاقى قبولا جماهيريا واسع النطاق بما فيهم القيادي في منظمة بدر
والحشد الشعبي، أبو تراب التميمي ، الذي اعلن تأييده لإقامة إقليم البصرة ، داعياً
الأهالي إلى التصويت على الاستمارة التي أطلقتها مفوضية الانتخابات ، ولم يقتصر الدعم على سكان البصرة فحسب ، وانما وجد ترحيبا في
مناطق اخرى من العراق وتحديدا من محافظة نينوى ، حيث استقبلت البصرة يوم امس الاحد
28 كانون الاول وفدا من حراك اقليم نينوى ممثلا برئيس الحراك فارس جويجاتي والناطق
باسم الحراك وعدالله عزالدين ، اللذان اعلنا عن دعمها ومباركتهما لمطلب إقليم
البصرة ، مع التأكيد على نقل التجربة إلى نينوى والعمل على تفعيل المسار الدستوري الذي
يدعم اقامة اقليم نينوى .
الخطوة نحو
اقامة اقليم البصرة واجهت مؤخرا عقبات عديدة ، اهمها قرار تأجيل التصويت عليه داخل
مجلس محافظة البصرة ، مما دفع المعارضون الى عقد مؤتمر شددوا فيه على رفضهم لقرار التأجيل
وطالبوا بعدم تسييس ملف إقليم البصرة أو استغلاله سياسيا ، مؤكدين الاستمرار في
التحرك عبر القنوات الدستورية والقانونية حتى تحقيق المطالب المشروعة لأبناء
المحافظة.
وفي معرض المؤتمر ، قال الناشط ، عمار سرحان ، رئيس
منظمة " بصرياثا للثقافة الاتحادية " سمعنا بعض الاخبار حول قرار مجلس
المحافظة تأجيل التصويت على موضوع اقليم البصرة الى اشعار اخر ، وهذا يثير لدينا
شكوك بموضوع استخدام هذا المطلب كورقه لاجل مكاسب سياسيه بالتالي نحن كمنظمات
مجتمع مدني وكجماهير لديها الرغبة بالتحول الى اقليم اداري ذا صلاحيات واسعه وفق
الدستور نراقب تحركات مجلس المحافظة واذا استخدم هذه الورقة سنفضحها امام وسائل
الاعلام ، نحن لا ندعم اقاليم طائفيه ولا ندعم اقاليم اكثر من محافظه واحدة "
.    
من جانبه ، قال رئيس حراك اقليم نينوى ، فارس جويجاتي ،
ان " نظرتنا ايضا لاقليم البصرة ليست فقط لتعزيز الوحدة الوطنية وانما ايضا
بسبب معاناتنا من البيروقراطية وتحجيم الموارد وكذلك بث الحياة في مشروع يليق
بمحافظة البصرة ويليق بتاريخها وبثقافتها وباقتصادها ، وكذلك يليق بحق نينوى الحضارة
والتاريخ بان تصبح ايضا اقليم اداري يدعو الى تحقيق النهضة الإدارية .
بدوره ، أكد الناطق الرسمي باسم الحراك الشعبي المطالب بإقليم
نينوى ، وعد الله عز الدين ، " اريد ان اوضح ان مظلومية المحافظة تتأتى من سيطرة
ونفوذ ناس متسلطين على رقابهم ويسلبون الخيرات دون الالتفات الى المواطنين
العاديين " .
 واضاف عز الدين ،
قائلا  "  محافظة نينوى عانت طوال
السنوات الماضية من تهميش وهضم لحقوقها، وعدم تمكين أبنائها من العيش الكريم  مبينا أن المفوضية بدأت باتخاذ إجراءات إدارية
فعلية بهذا باتجاه اقليم البصرة ، ما دفع وفد نينوى إلى الحضور للمباركة والدعم،
والاستعداد لتقديم طلب مماثل خلال الأيام القليلة المقبلة، ضمن الأطر القانونية
والدستورية المعتمدة.
الدعوة لاقامة اقليم البصرة لم تكن وليدة اللحظة ، فقد
سبق وان جرى الحديث عنها في اوقات متفاوتة ، وكانت هناك دعوات مماثلة لاقامة
الإقليم لكنها لم تلق استجابة من مراكز القرار ، ويعزو مراقبون استجابة مفوضية
الانتخابات للدعوة الاخيرة الى عدة اسباب منها : التحولات الاقليمية التي طرأت في
المنطقة ، خصوصا مع " سقوط نظام بشار الأسد في سوريا ، وتراجع دور حزب الله
اللبناني وإيران في المنطقة " ، والتحوط من ارتداد هذا التحول على واقع
العراق داخليا وهو ما دفع بعض قادة الاطار التنسيقي نحو طرح اقامة اقليم الوسط والجنوب
لمواجهة اي تهديد محتمل من النظام السوري الجديد الذي وجد قبولا من بعض الاوساط
الاجتماعية في المناطق الغربية في العراق . 
مثل هذه المخاوف عززتها تصريحات العديد من قادة الاحزاب
الشيعية ، وفي مقدمتهم زعيم ائتلاف دولة القانون والقيادي بالإطار التنسيقي، نوري
المالكي ، الذي تحدث بوضوح عن نوايا شيعية لتقسيم العراق والانفراد بمصادر النفط ،
ففي معرض انتقاده لحديث بعض السياسيين عن تغيير محتمل في العراق على غرار التغيير
في سوريا ، قال المالكي خلال مقابلة تلفزيونية ، إن "الشيعة سينفردون بالنفط
إذا أجبروا على تقسيم العراق" .  
المفارقة في موقف المالكي وبعض قادة الاطار التنسيقي
انهم كانوا في وقت سابق من اشد المعارضين لمشروع الأقاليم في المناطق ذات الغالبية
السنية رغم ان دعاة الاقلمة في تلك المناطق لم يجاهروا بدعم فكرة الاقاليم على اسس
طائفية تتعارض مع الدستور العراقي الذي اقر بحق اقامة الاقاليم الادارية وفق
المادة 119 ومفادها "يحق لكل محافظة أو أكثر تكوين إقليم، بناءً على طلب
بالاستفتاء عليه، يقدم بإحدى طريقتين، أولا: طلب من ثلث أعضاء مجلس المحافظة،
ثانيا: طلب من عُشر الناخبين في كل محافظة من المحافظات التي تروم تكوين الإقليم".
اما بشان استفتاء إقليم كوردستان على الاستقلال الذي دعا
اليه رئيس الإقليم مسعود بارزاني عام 2017 ، كانت ردود الفعل في حينها أشد حدة من
المتوقع عندما وصفوا البارزاني بأنه " مطبّع وخائن ومتآمر" .  
من جهة اخرى ، وضعت دعوة المالكي الى الاقلمة الطائفية
رئيس مجلس القضاء الأعلى ، فائق زيدان ، في موقف صعب يستدعي منه تبرير تصريحه امام
ممثلي محافظة الانبار في شهر شباط من عام 2024 والذي قال فيه بان "فكرة إنشاء
أقاليم أخرى في أي منطقة في العراق مرفوضة لأنها تهدد وحدة العراق وأمنه" ،
وهو ادعاء بحاجة الى اكثر من تفسير كونه يناقض الدستور العراقي الذي اقر بحق اقامة
الاقاليم ، وبالمقابل يتفق الجميع على ان انشاء الاقاليم لا يهدد وحدة العراقيين
وانما الفساد والمحاصصة الطائفية ، وتكفي الاشارة الى تجارب العديد من الدول
العظمى التي يقوم نظامها على الفدرالية ( الاقاليم )... والتي لم يصدر عنها حتى
هذه اللحظة اي انذار حول تهديد النظام الفدرالي لوحدتها او امنها. 
على صعيد محافظة نينوى كان الحديث عن الفدرالية يحظى
باهتمام واسع بين الاوساط الشعبية بوصفها نظاما يقدم الحلول للازمات المتكررة ،
حيث راهنت بعض الكتل السياسية المشاركة في الانتخابات السابقة على معطيات جديدة ؛
اهمها تبني خطاب مؤيد لمشروع اقامة الاقاليم ، لكن مساعيها فشلت بحكم الضغوط
وتقاطع المصالح والارادات السياسية .
لازالت تجربة اقليم كوردستان الناجحة على مستوى تطبيق
النظام الفيدرالي تلهم الكثير من المسؤولين في محافظات العراق ، الذين عبروا عن
رغبتهم في توأمة محافظاتهم مع اقليم كوردستان ، وليس اخرهم محافظ نينوى ، عبد
القادر الدخيل ، الذي قال في مقابلة مع كوردستان 24 ، في شباط 2024 : نرغب بنقل
تجربة إقليم كوردستان إلى نينوى ، لأننا بحاجةٍ إلى مثل تلك التجربة لإعادة إعمار
وتطوير المحافظة وتنميتها .
لاشك ان الانفتاح على النظام الفيدرالي الذي تتبناه
حاليا حوالي 25 دولة ، يعتبر خطوة مهمة نحو الحد من إمكانية قيام حكومة استبدادية
شمولية تستأثر بالسلطة وموارد البلاد لخدمة مصالحها الضيقة ، وتؤكد التجارب ان
النظام الفيدرالي لايقلل الأعباء عن حكومة المركز فحسب ، وانما يمنح القوى
اللامركزية صلاحيات واسعة لتحديث آليات ادارة الدولة وبما يضمن تحقيق العدالة
الاجتماعية والاقتصادية للجميع ، وهذا لن يحدث دون تحقيق الاستقلالية الإدارية عن
حكومة المركز التي عجزت عن تقديم الحلول للازمات طوال عقدين من الزمن .
نينوى بريس












