نينـوى بريـس

logo

Ninawa Press

 

مؤشرات جديدة على تعافي نينوى من سموم التطرف


بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة التطرف العنيف ، اقيمت اليوم الاثنين 12 شباط 2024 ندوة موسعة في جامعة نينوى ، حضرها محافظ نينوى عبدالقادر الدخيل ورئيس محكمة الاستئناف القاضي رائد مصلح وقائد العمليات ورئيس جامعة الموصل وعدد من ممثلي الجامعات ورجال الدين.

وتهدف مثل هذه المبادرة الى ترسيخ السلم المجتمعي في محافظة نينوى والحد من وحي التطرف بمختلف اشكاله ، وفي مقدمته التطرف الديني الذي تسبب في تعميق الانقسام الطائفي ونجح في اعطاء صورة مظلمة عن الاسلام .

كما تاتي هذه الندوة امتدادا لمساع المؤسسات التعليمية والاجتماعية التي ساهمت في مكافحة التطرف والقضاء على بيئته ، من خلال حث الناس على التمسك بمعتقداتهم الدينية السليمة ، ورفض فقه التطرف والدم الذي جلبه تنظيم داعش الارهابي ومن على شاكلته الى محافظة نينوى .

وهناك مؤشرات جديدة على تعافي نينوى من التطرف ، اذ كشف تقرير صدر عن مجلس الاستخبارات الوطني قبل يومين ، عن " حصول انخفاض كبير في مستوى العمليات الإرهابية والجنائية بالمحافظة "، كما أشاد التقرير بمستوى الثقة والتعاون بين أهالي نينوى والأجهزة الأمنية على بسط الأمن.

ولابد من الاشارة الى ان فقة تنظيم داعش الارهابي لعب دورا مهما في اشاعة مظاهر التطرف والغلو في الدين ، بالاضافة الى دوره في تهديد الامن والاستقرار المجتمعي .

 وللتعريف بدموية هذا الفقة يكفي ان نشير الى تقرير نشرته قبل سنوات صحيفة " الأوبزرفر" البريطانية ، للكاتب مارك تاونساند ، تناول فيه كتاب " فقه الجهاد او فقه الدم " لمنظر تنظيم داعش الارهابي أبو عبد الله المهاجر ، الذي ضمنه فتاوى وتشريعات تعكس هوية التنظيم الدموية ، ويقع الكتاب في 579 صفحة  .   

واكد خبراء في منظمة مكافحة التطرف كويلام البريطانية الذين عكفوا على تحليل الكتاب لمدة عامين ، وأعدوا تقييما منهجيا دقيقا له ، بأن الكتاب يحرف تعاليم الإسلام ، وهو لايعدو كونه محاولة لمنح الغطاء الشرعي للأعمال التي يقترفها التنظيم.

وفي اطار تقييم كتاب " فقه الدم " يتفق تاونساند مع منظمة مكافحة التطرف كويلام البريطانية على أن هذا الكتاب يعتبر اهم مرجع فقهي يعتمد عليه تنظيم داعش في تبرير الجرائم الوحشية التي يقترفها بحق الضحايا ، مثل الاختطاف والتنكيل بالجثث ، والمتاجرة بالأعضاء ، وقطع الرؤوس وقتل الأطفال ، فضلا عن "استراتيجية الأرض المحروقة" والعمليات الإرهابية في كل مكان في العالم .

كتاب " فقه الدم " يلخص طبيعة العنف الكامنة في فكر الوهابية - نسبة الى مؤسسها محمد بن عبدالوهاب - الذي نسخ فكر ابن تيمية واضاف اليه فتاوى لايستسيغها العقل السليم ، ورغم ان هذا الفكر لم يلق رواجا منذ تأسيسه في اوساط الغالبية المسلمة ، الا انه وبفضل التعبئة المعنوية والمادية المجزية تمكن من التمدد في مناطق الصراع السياسي والطائفي ، وكان من ابرز حملة هذا الفكر هو تنظيم داعش الذي نجح في وأد الاسلام الوسطي خاصة في مناطق اهل السنة التي كانت شاهدا على الوحشية الفاجرة التي مارسها هذا التنظيم بحق ابناء تلك المناطق .

من الواضح ان تنظيم داعش جرى تشكيله بمساعدة عدة جهات اقليمية ودولية لايجمعها دين او مذهب او حتى مصالح مشتركة ، وهذا يوضح بان الاهداف والمخططات المرسومة لهذا التنظيم كانت اكبر من ان تستوعبها شعوب المنطقة ويمكن الاستدلال على خصوصية هذا التنظيم من اتساع رقعة الجهات الداعمة له والتي تشمل عشرات المؤسسات الدينية والاجتماعية واكثر من سبع دول بحسب ماورد في ملحق للدراسات الكندية حول الجهات الداعمة لداعش - وهناك ادلة تؤكد على تغلغل المخابرات الاقليمية والدولية في ادارة وتوجيه هذا التنظيم .

اختراق الجواسيس لمثل هذا التنظيم لايثير الغرابة ، خاصة اذا سلمنا بمقولة ان قادة الخط الاول في تنظيم داعش هم عملاء لدول معروفة وان غالبية المجندين في هذا التنظيم هم مرتزقة عاطلون عن العمل مكبوتون جنسياً وفر لهم هذا التنظيم النكاح المجاني والاثراء السريع ، واما الاقلية منهم اصحاب الغباء المركب فيعتقدون ان داعش هو اقصر الطرقات السالكة الى الجنة ، ومن هذا المنطلق نسب داعش للدين الاسلامي الذم والنبز .

ربما ستبقى وحشية تنظيم داعش في الذاكرة العامة لعقود من الزمان ، خاصة في المناطق التي سُلمت له دون قتال فعلي ، ومنها مدينة الموصل التي مازالت تعاني من بصمات هذا التنظيم المسخ حتى بعد هزيمته منذ اكثر من سبع سنوات ، لكن المؤكد ان داعش واخواتها خسرت قاعدتها الجماهيرية في الاوساط السنية وباتت مرفوضة على كافة المستويات الفكرية والتنظيمة والسياسية ، ولابد من الاشارة الى ان ادامة هذا الرفض يعتمد في الاساس على دور الاعلام في ادانة الفكر الوهابي وتشخيص اتباعه وتجريم الاصوات التي تحرض على الطائفية ، والاهم من ذلك العمل على معالجة مظالم ابناء المناطق المنكوبة بداعش وانتهاج سياسة اكثر انفتاحا على تطبيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية .

رئيس التحرير / محمد الظاهر

نينوى بريس




اخبار ذات صلة