نينـوى بريـس

logo

Ninawa Press

 

هل ينجح الدخيل في توظيف القوة الامريكية الناعمة لتصحيح الاوضاع في نينوى؟


في خطوة مرحب بها ، بحث محافظ نينوى عبد القادر الدخيل ، خلال زيارته الولايات المتحدة مع السفير العراقي في واشنطن نزار الخير الله ، دعم قطاع الاستثمار في محافظة نينوى من خلال جلب الشركات الاستثمارية الامريكية وتوفير البيئة والتسهيلات المناسبة لها للعمل في المحافظة ، فضلاً عن مناقشة إمكانية فتح جامعة أمريكية في مدينة الموصل .

وخلال الزيارة ، اجرى الدخيل لقاءات مع الوكالات والمؤسسات الحكومية الامريكية في واشنطن ، حيث تم عقد اجتماعات عدة مع اعضاء الوكالة الامريكية للتنمية الدولية (USAID) واعضاء هيئة المسح الجيولوجي الامريكية (USGS) فضلاً عن لقاءه مع المؤسسة الثقافية الامريكية.

وتمخضت تلك اللقاءات عن استعداد المؤسسات الامريكية تقديم الدعم الكامل لمحافظة نينوى وحسب الاختصاص لكل مؤسسة ووكالة.

وتاتي زيارة الدخيل لواشنطن بالتزامن مع مساعي الادارة الامريكية نحو توظيف " القوة الناعمة " لدعم التنمية في العراق ، والتي بدأت ملامحها تظهر في النشاط الاعلامي والميداني للسفيرة الأميركية " ألينا رومانسكي " التي اعربت وفي اكثر من مناسبة عن استعداد بلادها لمساعدة بغداد على دعم استحقاقات العراقيين في مجال التنمية والطاقة والوظائف وتحسين الاجور وتنويع الاقتصاد وتحديثه وطرح اصلاحات اخرى على صعيد العمل والخدمات والامن والصحة والتعليم والمسكن ... وكل مايتعلق بالحياة والعيش الكريم الذي ينعم به رعايا الدول الاخرى .

زيارة الدخيل لواشنطن تعد خطوة ايجابية كفيلة بجذب الاهتمام الدولي الى محافظة نينوى ، والمساهمة في فك عزلتها عن العالم الخارجي وفتح ابوابها لجميع الشركات والمنظمات والهيئات الدبلوماسية والتعليمية الامريكية التي من شانها دعم عوامل الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في المحافظة ، مع تطلع غالبية اهالي محافظة نينوى الى ان تحذو امريكا حذو فرنسا وفنلندا اللتان سبق وان افتتحا قنصلية لكل منهما في مدينة الموصل . 

وفي سياق الاستنتاجات ، تشكل زيارة محافظ نينوى لواشنطن حدثا تاريخيا داعما للموصليين بمختلف أطيافهم ، وتعزز في الوقت ذاته امكانية تحريك مشاريع الاعمار المعطلة او تلك التي مازالت قيد الانشاء وتطوير البنى التحتية الاقتصادية للمحافظة ، ولاجل تحقيق هذه الاهداف ينبغي ان تعمل الحكومة المحلية على تهيئة الارضية الملائمة للاستثمار وتحسين الخدمات ، والوفاء بوعودها بخصوص اعادة تاهيل مطار الموصل الدولي باعتباره ‏ركيزة مهمة لربط المحافظة بالعالم الخارجي .

ولاشك ان فتح جامعة امريكية في الموصل وجذب الاستثمار والهيئات الدبلوماسية سيكون عاملا مهما لضمان امن واستقرار محافظة نينوى ، وقد يكون ، عبد القادر الدخيل ، هو المرشح الامثل للاحاطة بهذا الجانب وقيادة المرحلة القادمة لتحقيق مثل هذه الاهداف التي تعتبر مهمة على كافة الصعد وفي مقدمتها الامنية .

تشير المعطيات على ارض الواقع بان تراجع تنظيم داعش الارهابي عام 2014 عند تخوم مدينتي اربيل وبغداد لم يات بارادة من قيادة التنظيم او لاسباب تتعلق باستراتيجية المعركة ، وانما جاء بفعل الضربات الجوية الامريكية التي استهدفت قطعات التنظيم لوقف زحفها عندما وجدت الاخيرة جميع الطرقات سالكة نحو احتلال ثلاث محافظات دون اعتراض فعلي من القوات الامنية .  

وفي هذا الصدد اعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) في 19 حزيران عام 2014 إن ضربات جوية استهدفت مواقع وقوافل تابعة لتنظيم داعش في العراق ، واعلن رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة الجنرال مارتن ديمبسي "إن الحكومة العراقية طلبت دعما جويا أمريكيا للمساعدة في التصدي لمتشددين إسلاميين اجتاحوا جزءا من البلاد " ، وحين سئل ديمبسي عما إذا كان على الولايات المتحدة تلبية الطلب فرد قائلا "إن من مصلحة أمننا القومي مواجهة الدولة الإسلامية في العراق والشام أينما وجدناهم".

من الواضح ان مصلحة الامن القومي الامريكي التي اشار اليها ديمبسي تخضع لاعتبارات سياسية واقتصادية تجاه الشرق الاوسط ، لكن لهذه المصلحة مقاييس تتفاوت من بلد الى اخر ومن منطقة الى اخرى ويمكن الاستدلال على هذا التفاوت من خلال تعامل الادارة الامريكية مع الاحداث في العراق ، فقبل ان تسلَّم مدينة الموصل لتنظيم داعش كانت الادارة الامريكية على علم بتحركات التنظيم في المناطق الغربية من العراق وهي تحركات كانت مكشوفة للضربات الجوية الامريكية لكنها لم تدخل حيز اهتمامها الا بعد ان تخطت حدودها وباتت تهدد المصالح الامريكية في بغداد واربيل حيث تقيم الهيئات الدبلوماسية والمنظمات والشركات الامريكية .

محافظات نينوى وصلاح الدين والانبار كانت ومازالت تخلو كليا من اي تمثيل امريكي مشابه لما في اربيل وبغداد ، بل على العكس كانت هذه المحافظات احد اهم مصادر المقاومة للوجود الامريكي في العراق ولهذه الاسباب مجتمعة ظلت المناطق الغربية من العراق مسكونة بالارهاب والمؤامرات وبعيدة عن اي اهتمام دولي . 

وفق هذا المنظور يتضح ان الادارة الامريكية لاتقدم الدعم او الحماية الامنية لاي منطقة او جهة في العراق من دون وجود تمثيل مسبق لمصالحها الانية او المستقبلية في تلك المنطقة ، وهذا ما تنبهت اليه القيادات الكردستانية حين اجمعت على ضرورة جذب الاستثمار العالمي وفتح الابواب لجميع المنظمات والهيئات الدبلوماسية لتأمن على مستقبل اقليم كردستان اقتصاديا وامنيا على المدى البعيد ، بعكس الحكومات المحلية في المحافظات الساخنة التي لم تستثمر الوجود الامريكي فيها للتعاون الامني وطرح المشاريع الاستثمارية والدبلوماسية على الدول الكبرى او على الاقل الاهتمام بالدعوة الى فتح قنصلية امريكية في مدينة الموصل بموجب الدستور العراقي الذي يسمح بذلك ، وخلافا لكل التوقعات راحت تلك الحكومات تحتفل بجلاء القوات الامريكية من المدن التي حلت بها ولم تستشرف المستقبل او تتحسب للمكائد والاحداث المحيطة بها ، وفي اعقاب الانسحاب الامريكي كانت التداعيات السياسية والامنية اكبر من احتوائها في تلك المحافظات التي تهافت عليها الارهاب من كل الجهات . 

 المحافظات المنكوبة بالارهاب مازالت تكابد الظلم والازمات الاقتصادية والخدمية لكن اكثر مايقلق ابناء هذه المحافظات اليوم هو هشاشة الوضع السياسي والاقتصادي الذي من الممكن ان يكون عاملا اضافيا لفتح الابواب لعودة الارهاب بعناوين ومسميات جديدة ، ومثل هذه المخاوف لايمكن تبديدها دون تحسن البنى الاقتصادية وتعزيزها امنيا بقدرات استخبارية وتسليحية عالية على غرار ماتوفره القوات الامريكية للمناطق التي تقع تحت حمايتها .

 والاهم من ذلك هو العمل على دعم القيادات السياسية التي يتوافر لديها العزم الكافي على تحقيق النظام الفدرالي الذي نص عليه الدستور العراقي ، انطلاقا من ان هذا النظام يمنح الحكومات المحلية مساحة من الحرية للتحرك نحو جذب الاستثمار العالمي وابرام العقود والاتفاقيات مع المنظمات والشركات والهيئات الدبلوماسية الدولية التي سيرافق وجودها اجراءات تلقائية لتحصين الجانب الامني والخدمي ، وستتبنى تلك الجهات بحكم مصالحها حماية المناطق التي حلت بها او على الاقل الحرص على عدم جعلها عرضة للاحتمالات السيئة كما حدث عام 2014 حين اكتسحت عصابات داعش المناطق الغربية من العراق .

ويبقى السؤال الاهم ، هل يستطيع محافظ نينوى عبد القادر الدخيل تحقيق الاهداف المعلنة بشان جلب الاستثمار الامريكي الى المحافظة وفتح جامعة أمريكية في مدينة الموصل من دون مواجهة مع التيار السياسي والجماعات المسلحة الرافضة للوجود الامريكي في العراق ؟ ، وهل يستطيع الدخيل تحقيق ذات الاهداف بمعزل عن تضامن جماهير نينوى التي باتت تؤمن ان الازمات التي تمر بها هي من مخرجات السياسة الامريكية التي حددت بموجبها مصير العراق مسبقا والدفع به نحو الهاوية ، حيث يتضح من المعاينة بان سلسلة الاحداث الارهابية التي عصفت بالبلاد لم تأت بمحض الصدفة ، وانما هي تحصيل حاصل لمخططات امريكية مرسومة مسبقا .

رئيس التحرير / محمد الظاهر

نينوى بريس 




اخبار ذات صلة