على خطى مسجد غوته بالمانيا .. نينوى تسمح بإمامة المرأة في المساجد
 انتقد عضو مجلس محافظة نينوى ، أحمد العبد ربه، اليوم الاثنين 19 أيار 2025، تعيين أكثر من 50 امرأة في ديوان الوقف السني بصفة "إمام جامع" في المحافظة . 
وقال العبد
ربه في مؤتمر صحفي إنه "تم منح أكثر من 50 درجة وظيفية في الوقف السني لنساء
بصفة إمام جامع في محافظة نينوى ، في حين لم نسمع سابقاً لا في الدين الإسلامي ولا
المسيحي ولا اليهودي أنه يتم تعيين امرأة بصفة إمام جامع" ، مضيفا بان
"النساء اللاتي تم تعيينهم كانت صفاتهن الوظيفية (إمام رابع وخامس)، وهذا
دليل على أنه لم تكن هناك دقة في العمل بهذا الإطار".
من الواضح ان
انتقاد العبد ربه لتعيين أكثر من 50 امرأة بصفة امام جامع اقتصر على الجانب
الوظيفي فحسب ، لكن من الناحية الفقهية قد نجد ما يبرره في حركة الاسلام الليبرالي الجديدة التي انطلقت
من المسجد " الليبرالي" او مسجد بن رشد "غوته" في العاصمة
الالمانية برلين الذي يسمح بإمامة المرأة ولا يشترط حجاب المرأة أثناء الصلاة ،
والرجال والنساء يقيمون الصلاة فيه جنبا إلى جنب.
مؤسسو هذا
المسجد الذين ذاع صيتهم عام 2017 هم جماعة تؤمن بمبدأ اصلاح فهم المسلم للإسلام
وترفض التفسيرات التقليدية لفهم نصوص القرآن والحديث ، وتدعو الى مراجعة الكثير من
الفتاوى المنقولة عن فقهاء محدودي الافق والرؤية في تفسير نصوص القران ، الذين
تفقهوا بظواهر النصوص دون جوهرها .
وقد انتقلت
مظاهر هذه الجماعة عام 2019 الى باريس ، حيث أمّت سيدتان فرنسيتان لأول مرة صلاة
مختلطة حضرها أكثر من 60 شخصا في قاعة خاصة بالعاصمة الفرنسية .
وردا على
اعتراض دار الإفتاء المصرية حول سماح المسجد للرجال والنساء بالصلاة جنبا إلى جنب
، والتي وصفت الصلاة في المسجد بأنها غير صحيحة ، اصدرت جماعة المسجد الليبرالي
بيانا جاء فيه :
"لا
يفوتنا هنا الإشارة إلى أن الله وحده هو الذي يقبل أو يرفض الصلاة وليس لأي شخص أو
مؤسسة الحديث بالنيابة عن ربنا القدير.. كما نود بكل أدب أن نلفت انتباه دار
الإفتاء إلى أن الرجال والنساء يصلون جنبا إلى جنب خلال الحج... وهنا تتلامس
الأجساد دون قصد بسبب الزحام ولا يوجد من يشكك في صحة الصلاة " ، وأن الرجال
والنساء كانوا يصلون جنبا إلى جنب في أيام الرسول محمد (ص)، واكد البيان أن الصلاة
المختلطة لا تتنافى مع التقاليد الإسلامي ".
من الواضح ان
ادارة المسجد " الليبرالي" تسعى الى احداث تغيير يستهدف التقاليد
والمفاهيم الدينية السائدة منذ قرون والتي يخرج معظمها عن نصوص القران انطلاقا من
كونها تضع المزيد من الحواجز بين المسلم وخالقه ، ووفقا لهذه الرؤية ياتي اختيار
المنهج الليبرالي في تفسير الدين كمحاولة "لإصلاح فهم المسلم للإسلام"
عبر منحه مساحة من الحرية لفرز ونقد العادات والتقاليد التي اسقطت على الحياة
الدينية وكذلك مراجعة الكثير من الفتاوى المنقولة عن فقهاء محدودي الافق والرؤية
في تفسير نصوص القران ، الذين تفقهوا بظواهر النصوص دون جوهرها .
وفي هذا
الاتجاه لابد من الاشارة الى ان "جماعة المسجد الليبرالي " او
"حركة المسجد الليبرالي " ان جاز التعبير ، لايمكن فصلها عن العديد من
الحركات الفكرية التي توصف بأنها ليبرالية إسلامية والتي سماها البعض بـالإسلام
الاجتهادي او التقدمي ، انطلاقا من اعتقادها ان الإسلام ينادى بقيم الحرية وحقوق
الإنسان والمساواة الليبرالية حيث " يميل اتباع هذه الحركات الى اعادة تفسير
النصوص الدينية وعدم الأخذ بتفسيرات رجال الدين القدامى للقرآن والسنة ، بل
ويعتقدون أن الإسلام وبعد تنقيته من هذه الآراء والتفسيرات فإنه يحقق الحرية
للأفراد خاصة فيما يتعلق بحرية الرأي والتعبير وحرية الاعتقاد".
لاشك ان ظهور
جماعة منظمة تناصر الأفكار الليبرالية داخل الإسلام وتنظر لها وتنشط في تطبيقها
على ارض الواقع من خلال منبر يدعى المسجد " الليبرالي" ، يعتبر مقدمة
لتحولات كبيرة في المشهد الاسلامي من حيث ان هذه المجموعة ترفض عملا وتطبيقا
التفسيرات التقليدية لفهم نصوص القرآن والحديث ، وتنظر الى تلك النصوص على انها
وحدة متكاملة تنظم القيم الاخلاقية والانسانية بشكل لايقبل التجزئة ، وانطلاقا من هذه
الرؤية تقدم جماعة المسجد " الليبرالي" مشروعا اصلاحيا اكثر تناغما مع
حركة التطورات العصرية الهائلة واكثر انسجاما مع تطلعات المجتمعات الاسلامية الى
التغيير ومع حاجتها الى معالجة مواقع الخلل التي ادت الى توقفت عجلة الاصلاح في
العالم الاسلامي الذي يشهد اليوم تطرفا منقطع النظير في العبادات والممارسات
الدينية وتفتك به الحروب الطائفية المدمرة التي انتجها الاسلام السياسي .
رئيس التحرير
/ محمد الظاهر
نينوى بريس