نينـوى بريـس

logo

Ninawa Press

 

مناشدة رسمية لحكومة نينوى لبناء مصحَّة لإيواء المصابين بالامراض العقلية كبادرة انسانية تفاخر بها امام العالم


في محافظة نينوى لاتوجد حتى الان إحصائية رسمية تعنى بواقع الصحة النفسية والتي تشمل المرضى النفسيين والمختلين عقليا الذين ازداد عددهم بشكل ملحوظ نتيجة الحروب والضغوط الاقتصادية والاجتماعية المستمرة ، وهي مؤشرات مقلقة تظهر الحاجة الملحة لبناء مصحَّة او مستشفى مخصصة لإيواء ذوي الامراض النفسية والعقلية من اجل الاشراف على علاجهم ، فمع غياب مثل هذه المصحة يتعرض هؤلاء المرضى لظروف مهينة لإنسانيتهم ، حيث تضع الجهات الحكومية المعاقين عقليا في ذيل اهتماماتها الانسانية والخدمية . 

للوقوف على هذا الواقع المأساوي ، التقينا بعدد من المعنيين بذوي الاعاقة العقلية والامراض النفسية ، من اجل اعداد مناشدة لبناء مصحة لإيواء هذه الشريحة المهمشة اجتماعيا ، وتوجيهها الى الحكومة المحلية بشقيها التشريعي والتنفيذي والممثلة بمحافظ نينوى عبدالقادر الدخيل ، ورئيس مجلس المحافظة احمد الحاصود ، الى جانب المنظمات الدولية والمحلية .

 - وحول هذا الموضوع نوجز حديث نائب مدير دائرة رعاية العجزة في الموصل " حسن راضي "  ، بما يلي :

لاشك ان مايزيد الأوضاع سوءا بالنسبة لذوي الامراض العقلية في محافظة نينوى هو غياب المصحات او المستشفيات المختصة باستقبالهم على غرار مستشفى الرشاد للامراض النفسية والعقلية في العاصمة بغداد ، حيث تزداد الاوضاع تعقيدا واضطرابا حين لا يتلقى هؤلاء المرضى العلاج اللازم في مصحة متخصصة ، تتوفر فيها الشروط الادارية والمعدات الطبية المتعلقة بامراض الصحة العقلية.

وما يجهله الكثير من الناس ان غالبية المصابين بالإعاقة العقلية او النفسية يعانون من العزلة والاضطهاد وما نصادفه في الشارع من مظاهر مختلفة وصور مأساوية لمشردين مصابين بالاختلال العقلي لايلخص بالضرورة حقيقة العدد الكلي الذي يقبع خلف جدران البيوت التي اوصدت ابوابها لمنع هروبهم الى الشوارع ، حيث تحرص الكثير من العوائل على تهيئة غرف محكمة الاقفال في بيوتهم لعزل المصابين بالأمراض العقلية كبديل عن المصحات ، وفي ظل هذه الاجراءات اصبح من الصعب انشاء قاعدة بيانات رسمية تعنى بالمرضى النفسيين والمختلين عقليا .

كما انه من الصعب وصف الصورة الكاملة عن واقع ذوي الامراض العقلية في محافظة نينوى ومايمثلوه احيانا من مشاكل للمجتمع ، وبفقدان هؤلاء المرضى للرعاية والمتابعة يمكن ان يتحول البعض منهم الى مصدر تهديد للمجتمع ، فالمعروف ان سلوك المريض عقليا لايمكن التنبؤ به ، فهناك لحظات غامضة تشتد فيها الازمات النفسية التي غالبا ماتنتهي باستخدام العنف الذي يؤدي احيانا الى الموت ، ومثال على ذلك ، اقدم مختل عقليا ، في 24 ايار / مايو 2020 ، على خطف الطفلة " فاطمة صالح يونس " التي عثر على جثتها لاحقا في حي القاهرة في الجانب الايسر من مدينة الموصل ، وكشف بيان للشرطة " بان الجاني الذي ارتكب جريمة قتل فاطمة هو ابن عمها ( مختل عقلياً ) ويبلغ عمره ٢٠ سنة " .

من هنا ، لابد ان تعطي الحكومة المحلية في محافظة نينوى الاولوية للقضايا الانسانية التي تدخل في صميم مسؤولياتها ولاتقل اهمية عن المشاريع الخدمية الاخرى ، ومنها بناء مصحة لايواء ذوي الاعاقة العقلية والنفسية ، فهؤلاء المرضى خصوصا المشردين ، هم بامس الحاجة اليوم الى بناء مصحة ترعاهم وتشرف على شفاءهم او على الاقل تحمي انسانيتهم كما هو معمول به في بقية الدول .

ولابد من الاشارة الى ان دار رعاية المسنين في الموصل يضم عددا من المعاقين عقليا والمقيمين لدوافع انسانية فحسب ، ولاتشملهم شروط الاقامة في الدار الذي لاتتوفر فيه المستلزمات الادارية والتمريضية لعلاجهم او رعايتهم ، ونحن من هذه المنصة نناشد حكومة نينوى بالالتفات الى هذه المشكلة التي باتت تؤرقنا وتسبب لنا المتاعب .     

وبشان هذه المناشدة ، تحدثت الدكتورة " نادية المختار " المشرفة على علاج المرضى في دار رعاية العجزة بالموصل ، قائلة :

من جانبي اشيد بالخطوة الانسانية تجاه النساء المعنفات اسريا بالموصل ، والممثلة ببناء مركز إيواء النساء المعنفات في حي عدن بالموصل والذي يدار من قبل قسم المرأة والطفل والأسرة في ديوان محافظة نينوى ، وهي خطوة ايجابية مرحب بها باعتبارها توفر الحماية الامنية والقانونية للنساء اللاتي يتعرضن للعنف الاسري ، خصوصا بعد ورود تقارير تؤكد بان الشرطة المجتمعية تستقبل العشرات من النساء المعنفات يوميا على مستوى العراق . 

هذا المركز أنشئ بتخصيص أرض من قبل بلدية الموصل وبدعم من الحكومة الفرنسية ومنظمة هابيتات الدولية وصندوق الأمم المتحدة للسكان ، وهو الأول من نوعه على مستوى محافظة نينوى ، ومايميزه انه يشرف على تأهيل المراة المعنفة و يوفر الدعم النفسي لها .

 وبناء مثل هذا المركز يبعث على التفاؤل ويشجعنا ايضا على المطالبة ببناء مصحة لإيواء ذوي الامراض العقلية والنفسية في مدينة الموصل ، خصوصا وان الكادر الطبي والاداري في دار رعاية المسنين بات يعاني من وجود مقيمين من ذوي الامراض العقلية والنفسية ومن كلا الجنسين ، حيث لايتوفر في الدار العلاج الكامل لهؤلاء المرضى واكثر مانستطيع القيام به اتجاههم هو ارسالهم وبشكل دوري الى الاستشارية النفسية في المستشفيات الحكومية للكشف عن صحتهم ووصف بعض الادوية لهم فحسب ، ثم اعادتهم الى الدار ، وهذا لايكفي بطبيعة الحال لعلاجهم او الحد من مضاعفات المرض الذي يحتاج الى مجموعة من الخدمات التمريضية الخاصة التي يدخل ضمنها كادر تمريضي مؤهل للتعامل مع السلوكات الصعبة لهؤلاء المرضى ، وهذا لايتوفر في دار رعاية المسنين بالمطلق . 

هذا الوضع يضعنا امام تجربة صعبة لاخيار فيها سوى ارسالهم الى مستشفى الرشاد للامراض النفسية والعقلية في العاصمة بغداد ، التي يتوفر فيها مستلزمات العلاج الاساسية ، لكننا نواجه الرفض من ذوي هؤلاء المرضى لاسباب عديدة ، منها بعد المسافة بين بغداد والموصل ، وعدم قدرتهم على زيارة المرضى بشكل مستمر للاطمئنان عليهم ، لذلك تتكرر المناشدات من اهالي المرضى لبناء مثل هذا المستشفى او المصحة في محافظة نينوى يكون قريبا منهم .  

حول هذا الموضوع علقت مديرة دائرة العمل والشؤون الاجتماعية في نينوى ، ميثاق طالب ، بما يلي :

وقع العراق على اتفاقيات عديدة خاصة بحقوق الانسان من بينها الاتفاقية الدولية لحماية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة عام 2006 وهي مكتملة الاركان القانونية وتلزم الاطراف الاعضاء بمراعاة المعاقين في المنظور الحقوقي والمجتمعي والصحي ، والتي تشمل ايضا ذوي الاعاقة العقلية الذين لا راع لهم سوى الله وبعض الجهات الحكومية التي تقدم لهم خدمات متواضعة لاتفي بالغرض .  

وتحث هذه الاتفاقية على منح ذوي الاعاقة كافة حقوقهم في العيش الكريم واحترام انسانيتهم ومعاملتهم بالعدل والمساواة ، وهي ذات الحقوق التي وردت في صكوك حقوق الإنسان الدولية وكفلها الدستور العراقي ودعا الى عدم المساس بها ، لكن تحري هذه الحقوق على ارض الواقع يكشف عن صورة مغايرة ، فهناك تقصير واضح من الجهات الفاعلة تجاه هذه الحقوق ، حيث تظهر المعطيات ان خدمات الصحة النفسية مازالت في ذيل الاولويات ولم تحظ بالاهتمام الكافي على مستوى محافظة نينوى التي باتت بامس الحاجة لبناء مصح لايواء ذوي الامراض النفسية والعقلية ، وهو استحقاق قانوني كونه يدخل ضمن تخطيط وتوزيع الخدمات الصحية بحسب الكثافة السكانية التي تحتل فيها محافظة نينوى المرتبة الثانية بعد العاصمة بغداد .  

ولابد ان ننتقد ضعف المساندة المجتمعية لذوي الامراض العقلية الذي اسهم بشكل كبير في تراجع الاهتمام بخدمات الصحة النفسية وتعطيل سبل النهوض بها لتكون بمستوى طموح المدافعين عن حقوق المعاقين .

وبهذا يتحمل المجتمع وحكومات نينوى المتعاقبة المسؤولية عن معاناة ذوي الامراض العقلية والنفسية الذين لايمكن لهم الاستمرار دون وجود رعاية خاصة بهم .

وفي هذا الاتجاه لابد ان تدرج حكومة نينوى احتياجات هؤلاء المرضى ضمن مشاريع اعادة الاعمار ، وتتقدم ببناء مستشفى او مصحة لهم كبادرة انسانية تفاخر بها امام العالم ، وكمنجز يعد الاول من نوعه في تاريخ محافظة نينوى التي لم يبن فيها حتى الان مستشفى او مصحة واحدة تعنى بعلاجهم ، وهذه مطالب مجتمعية قبل ان تكون فردية .     

ولاشك ان اي جهة اخرى تتطوع في بناء مثل هذا المشروع سواء كانت هذه الجهة محلية او دولية  سوف ‏يضاعف رصيدها الانساني ، وتحقق انجازا تاريخيا غير مسبوق على مستوى العراق ومحافظة نينوى على وجه الخصوص . 

رئيس التحرير / محمد الظاهر 

نينوى بريس




اخبار ذات صلة